الكويت تستعد لانتخاب أعضاء مجلس الأمة الخمسين في أول استحقاق من نوعه منذ تولي الشيخ مشعل الأحمد الصباح مقاليد الحكم في ديسمبر كانون الأول. ويتمتع مجلس الأمة في الكويت بنفوذ أكبر من المجالس المماثلة في دول الخليج الأخرى، لكن الجمود السياسي على مدى عقود أدى إلى تعديلات وزارية وحل المجلس عدة مرات.
ويشهد هذا الاستحقاق مشاركة 200 مرشح ومرشحة، وهو أقل عدد منذ أكثر من خمسة عقود. ويبلغ عدد الناخبين الرجال والنساء نحو 850 ألفا.
تتم الانتخابات تحت إشراف القضاء ووفقًا لنظام الصوت الواحد، حيث يحق لكل ناخب أن يمنح صوته لمرشح واحد فقط. تجرى عملية الاقتراع في يوم واحد من الساعة 12 ظهرًا حتى منتصف الليل.
تتكون الكويت من خمس دوائر انتخابية، حيث يفوز المرشحون الذين يحصلون على المراكز العشرة الأولى في كل دائرة بعضوية البرلمان.
تأتي هذه الانتخابات بعد قرار أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح بحل البرلمان السابق المنتخب في فبراير، بعد أقل من شهرين من توليه السلطة.
تأسف الأمير لتجاوزات مجلس الأمة السابق والحكومة، وأشار إلى أن هناك إضرارًا بمصالح البلاد والعباد، واعتبر أن هذه التجاوزات تنتهك الثوابت الدستورية وتفتقر إلى الاحترام الواجب للمقام السامي.
ومن المتوقع أن تكون الانتخابات فرصة للشعب الكويتي للتعبير عن آرائه واختيار ممثليه في المجلس الجديد.
واستقالت حكومة الشيخ أحمد النواف بعد كلمة الأمير بساعات، وتم تعيين الشيخ محمد صباح السالم الصباح رئيسًا جديدًا للوزراء وشكلت حكومة جديدة تضم وزراء جددًا للداخلية والدفاع والشؤون الخارجية والمالية والنفط.
وحث أمير الكويت المواطنين على المشاركة في الاقتراع واختيار من يمثلهم بحسن، مشددًا على أهمية عدم اختيار أولئك الذين يهدفون إلى تحقيق المصلحة الشخصية أو إفشال الأوضاع أو التعدي على الثوابت الدستورية.
وفي كلمته التي ألقاها يوم الاثنين بمناسبة العشر الأواخر من رمضان، أعرب عن أمله في أن تسفر الانتخابات المقبلة عن مجلس متميز يتمتع أعضاؤه بفكر مستنير، مستفيدين من الدروس والتجارب البرلمانية السابقة ويؤديون مسؤولياتهم الوطنية بشكل صحيح.
وأشار ناصر العبدلي، المحلل السياسي، إلى أن هذه الانتخابات تأتي في أجواء أكثر توازنًا بين الأطراف المتصارعة، سواء داخل الأسرة الحاكمة أو خارجها، ومن المتوقع أن تكون نتائجها أكثر توازنًا بين المؤيدين للحكومة والمعارضين.
وتوقع العبدلي وجود "عزوف جزئي" من الناخبين بسبب شهر رمضان وتكرار الانتخابات، وبسبب خيبة أمل المواطنين من الانتخابات السابقة.
وقال العبدلي: "مشكلة الديمقراطية في الكويت هي أنها غير منظمة. نحن بحاجة لتنظيمات سياسية حتى يكون هناك برامج. هذه المرة، غابت البرامج السياسية عن الحملات الانتخابية وغلبت عليها تصفية الحسابات بين الفرقاء السياسيين من داخل الأسرة الحاكمة وخارجها".
وتحظر الكويت الأحزاب السياسية، ولكن البرلمان يتمتع بصلاحيات كبيرة مقارنة بباقي دول الخليج، بما في ذلك الحق في استجواب رئيس الوزراء والوزراء وإقرار القوانين ورفضها وإلغائها. لكن الأمير له الكلمة الفصل في شؤون البلاد وله صلاحية حل البرلمان.
تعيش الكويت أزمات متتالية بسبب الصراع بين الحكومة التي يعينها أمير البلاد والبرلمان المنتخب انتخاباً مباشراً من الشعب، مما عائق الإصلاحات الاقتصادية والمالية في البلد الغني بالنفط.
وقال عبد العزيز العنجري، المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز ريكونسنس للبحوث والدراسات، إن "العهد الجديد يركز أكثر على سرعة تنفيذ التغيير بدلاً من المماطلة والتفاوض (مع المعارضة) أو ما يسمى جماعات شعبية".
وأضاف "إنه يركز على المضي قدماً في الأمور التي يراها ضرورية بدلاً من هدر الوقت في المماطلة ولعب البنج بونج مع البرلمان، في أمور حُسمتها الدستور بالفصل بين السلطات".
وأشار العنجري إلى أنه "لن يكون هناك تسامح مع أي تصرفات نيابية ترى السلطة أنها تمثل تجاوزًا واضحًا لمبدأ الفصل بين السلطات، وبالمقابل، لن يكون هناك تسامح مع أي مسؤول حكومي يتورط في الفساد أو سوء الإدارة المتعمد".
وحظيت قضية اختيار ولي العهد القادم بجانب من النقاش العام خلال الحملات الانتخابية، حيث تنتظر الكويت تعيين الأمير لولي عهده خلال العام الحالي وفقًا للدستور، ويجب أن يحظى ولي العهد بموافقة أغلبية أعضاء البرلمان.
واعتبر العبدلي أن البرلمان لا يستيمثل إرادة الشعب بشكل كامل، حيث يواجه التأثيرات والتدخلات من القوى السياسية والأسرة الحاكمة. وأشار إلى أنه يجب تعزيز دور البرلمان وتعزيز النظام الديمقراطي في الكويت عن طريق تنظيم الأحزاب السياسية وتعزيز مشاركة الشعب في صنع القرارات السياسية.
تعد الكويت واحدة من الدول القليلة في الخليج التي تسمح بتشكيل أحزاب سياسية، ولكنها تفتقر إلى تنظيمات سياسية قوية وبرامج سياسية واضحة. يعزز ذلك التحالفات والتوجهات الشخصية والصراعات الداخلية بين الفرقاء السياسيين.
لتعزيز الديمقراطية في الكويت، يمكن اتخاذ عدة إجراءات، بما في ذلك:
1. تنظيم الأحزاب السياسية: يجب وضع إطار قانوني وتنظيمي لتشكيل الأحزاب السياسية، مما يسمح بتنظيم أنشطتها وتحديد أهدافها وبرامجها.
2. تعزيز المشاركة السياسية: يجب تعزيز مشاركة المواطنين في صنع القرارات السياسية من خلال زيادة الوعي السياسي وتشجيع المشاركة في الانتخابات والاستفتاءات.
3. تعزيز شفافية العمل الحكومي: يجب تعزيز شفافية العمل الحكومي ومكافحة الفساد، وضمان توفر معلومات كافية للمواطنين حول القرارات الحكومية وإنفاذ القانون بشكل عادل ومنصف.
4. تعزيز الحوار والتواصل: يجب تشجيع الحوار المجتمعي والتواصل بين الحكومة والمجتمع المدني والأحزاب السياسية، وذلك لتعزيز فهم المشكلات والاحتياجات والبحث عن حلول مشتركة.
تحقيق هذه الإصلاحات يمكن أن يعزز الديمقراطية ويعمق المشاركة السياسية في الكويت، ويسهم في تحقيق التنمية وتلبية احتياجات الشعب الكويتي.
المصدر: هنا
إرسال تعليق